ما بين المؤتمر الوطني المستقل….. والحوار الوطني الشامل والمستقل

شهد قصر الثقافة والفنون(قصرالخامس عشر من يناير سابقا) افتتاح أعمال الحوار الوطني الشامل المستقل وذالك بتاريخ ال 20 من أغسطس الجاري، فما بين المؤتمر الوطني المستقل الذي انعقد في يناير من العام 1993، والحوار الوطني الشامل المستقل ثلاثون عاما إلا خمسة أشهر، فهذه الثلاثون عاما هي جوهر الإختلاف

فما الفرق بينهما إذا؟

المكان واحد، وهو قصر الخامس عشر من يناير، وتسمية الأول تتكون من ثلاث كلمات، بينما الثاني من أربع كلمات، لكنهما يجتمعان في اثنتين ويتفرقان في اثنتين

فكلمة المؤتمر تعادلها الحوار، وكلمة المستقل تعادلها المستقل، وكلمة الشامل التي انفرد بها الحوار، أما ما يجمعهما هي كلمة الوطني، فالمؤتمر كان مستقلا بامتياز، لكنه أقصى البعض، ينما الحوار الشامل، هو حوار لكل التشاديين في الداخل والخارج إلا من أبى وذالك لأساب سياسية وأمنية أو ضمانات كما أعلنت من قبل قادة الحركات السياسية العسكرية غير الموقعة في اتفاق الدوحة، كما أن الزمان مختلف تماما الأول في العام 993، والثاني في عام 2022، كما هو في حال المشاركين حيث دخلت وجوه جديدة وتغيبت وجوه عديدة، بسب العمر، أو الموت، أو نظرتها السياسية

ولو نظرنا للبيئة السياسية والإقتصادية والاجتماعية التي صاحبت انعقاد المؤتمر الوطني المستقل، نجد أن هناك مستحدثات ليست كما نعيشها ألان

فمن الناحية السياسية فإن المؤتمر جاء بعد ثلاثة أعوام من وصول الحركات المسلحة إلي سدة الحكم التي انضوت تحت حركة سياسية وعسكرية واحدة وهي الحركة الوطنية للإنقاذ، بقيادة العقيد آن ذاك إدريس ديبي ورفاقه في السلاح، هدفهم الوحيد هو تغيير نظام دكتاتوري بنظام ديمقراطي وتعددي

أما من الناحية الإقتصادية فإن البلد كان يعيش سكانه في فقر وأزمات وعدم الإستفادة من موارد بلاده، بسبب التدخلات الخارجية، وهذا في حد ذاته كفيل بأن التشاديين يجتمعون في هكذا مؤتمر ليناقشوا التحديات الإقتصادية والبحث عن استغلال لموارد وطنهم التي تسهم في تقدم البلد وتطوره

أما المشكلات الإجتماعية فهي ليست أقل من تلك التي تواجه السكان من الناحية الإقتصادية، فالمجتمع التشادي تقسم إلي قبائل ومجموعات عرقية وإقليمية، مما أثار غضب الكثير من السكان الذين أصبحوا عرضة لهيمنة النظام الدكتاتوري الذي قاد البلاد لثماني سنوات، الأمر الذي حال دون مشاركة العديد من السياسيين في المنفي في أعمال المؤتمر

فالمواضيع التي أثارت جدلا واسعا من قبل المشاركين في المؤتمر الوطني المستقل، هي رسمية اللغة العربية التي كادت أن تؤدي إلي فشل المؤتمر الوطني المستقل، بسبب النقاش الحاد بين المشاركين، إلا أن الأغلبية وافقت علي ضرورة رسمية اللغة العربية مع الفرنسية، الأمر الذي أتى بها في المادة التاسعة من الدستور لتكون متساوية مع الفرنسية

أضف لذالك مواضيع أخرى تتعلق بشكل الدولة ونظامها ووحدة أراضيها ومن يحكمها بعد الفترة الإنتقالية

بينما الحوار الوطني الشامل المستقل، وجد بيئة سياسية واقتصادية واجتماعية مغايرة تماما لما كان عليه في العام 1993

فمن المنظور السياسي، حيث هناك أحزابا سياسية تتجاوز ال 100 حزب سياسي وتتمتع بكل حرية وفقا للدستور، بعضها خاض الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية، والبعض الآخر له ممثلون في الحكومات والجمعيات الوطنية المتعاقبة والحكومة الانتقالية الحالية والمجلس السياسي الإنتقالي، كما أن النضج السياسي والوعي لدى المواطن التشادي كان لافتا للنظر، حيث نجد المظاهرات المنددة بتواجد القوات الفرنسية في تشاد، والتعبير عن عدم رضاهم عن مواضيع سياسية واجتماعية مناوئة للحكومة وغير ذالك من أنواع التعبير

ففي مجال الإقتصاد، نرى هناك فرقا شاسعا ما بين المؤتمر والحوار، فالحوار ينعقد في ظل وجود البترول الذي تم استخراجه في العام 2003، علي الرغم من أن موارده لم تسخر بطريقة شفافة وفقا لتقارير الآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء ( ماييب )، كما أن تنقيب الذهب أصبح متاحا لدى الدولة، بالإضافة إلي شركة تركيب الجرارات التي طالها الفساد الإداري والمالي والتوزيع غير العادل، يمكن إعادة النظر في أداءها، فالمعلوم أن الزراعة هي إحدى عوامل دعم الإقتصاد لذا نلاحظ في الآونة الأخيرة العديد من المشاريع الزراعية التي تدار م قبل الدولة وشركائها الصينيين أو من قبل المواطنين لاسيما رجال الأعمال، كما أن الثروة الحيوانية تطورت بعض الشيء علي الرغم من عدم إنشاء مسالخ وأسواق عالمية لتصدير اللحوم إليها، وتقديم الأدوية والإرشادات لصالح أصحاب المواشي، حيث أصبحت تربية الدواجن وتطورها أمرا يوليه المواطنون اهتماما هاما

 أما من الناحية الإجتماعية هناك تحديات جسام يمكن التطرق إليها من خلال أعمال هذا الحوار والتي تتعلق بالنزاعات الأهلية، غلاء المعيشة، البطالة، هجرة الشباب من الريف إلي المدن أو الخارج

كل هذه المواضيع بحاجة إلي البحث عن حلول لها من خلال المناقشات

فعلى المشاركين تقديم مقترحات تتعلق بسن قوانين صارمة ورادعة لمسألة الأراضي والنزاعات، وضع استراتيجية جديدة للحد من غلاء المعيشة، التفكير في وضع آلية تتعلق بتوظيف الشباب مع بداية كل عام حسب ما تقتضيه الحاجة، وكذا خلق فرص عمل للشباب غير المؤهلين وغير ذالك من المقترحات التي تسهم في حلحلة العديد من القضايا الإجتماعية التي تواجه الدولة التشادية في الوقت الراهن، وخاصة النزاعات القبلية

ومما سبق : أننا نستنتج أن لكل من المؤتمر الوطني المستقل والحوار الوطني الشامل بيئات مختلفة من حيث الزمان والظروف، فنجد أن العاملين السياسي والإقتصادي في وقت انعقاد الحوار الوطني الشامل المستقل أحسن مما كانا عليه في العام 1993، أما العامل الإجتماعي، فنجد أن الحوار الوطني الشامل ينعقد في ظل تحديات جسام

خليل محمد إبراهيم

À propos de atpe

Vérifier aussi

Cahier de charges de la transition : Pour une bonne gouvernance et d’un Etat de droit

Les préoccupations des participants au DNIS demeurent toujours la bonne gouvernance et l’Etat de droit …

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *