A LA UNE

ملف التربية: المعلمون والتقصير في الأداء

يعد المعلم أحد الركائز الأساسية في العملية التعليمة وبناء الأجيال وتكوينهم، إلا أن حالة المعلمين في تشاد يرثى لها، من نقص اللوازم الضرورية في البيئة المدرسية وتردي في اوضاعهم الاجتماعية

فإذا نظرنا إلى حالة المعلمين في المدارس الحكومية نجدها تعاني من نقص المعلمين في جميع المستويات والمراحل، وهذا النقصان يرجع بعض الأحيان في تقصير بعض المعلمين في أداء واجبهم المهني بالطريقة المطلوبة، فمنهم من لا يحترم السلم الوظيفي ولا اللوائح المنظمة للعمل المهني، حيث لاحظت وزارة التربية وترقية المواطنة أن الكثير من المعلمين الذين يتم تحويلهم إلى مدارس في الأقاليم و القرى النائية، لا يذهبون إلى مناطقهم لأداء واجباتهم المنصوص عليها، وفي حالة الذهاب بمجرد تسليم المنصب يتركه شاغرا ويعود إلى العاصمة وذلك بتواطؤ مع بعض الإداريين على مستوى المندوبيات في الأقاليم ومن داخل الوزارة، إذ تشير الاحصائية التي قامت بها وزارة التربية عبر مندو بياتها في الأقاليم لعدد المعلمين المتواجدين في أماكن عملهم، حيث أن عدد المعلمين المتواجدين في الميدان وصل عددهم إلى 28 ألف معلما من بين 33 ألف، وغياب ثلاث ألف معلم عن مكان عملهم، وهذا ما يضاعف الأزمة في النظام التعليمي، الأمر الذي يدعو إلى ضرورة مراجعة النصوص المدرسية التي تنظم لجان تسيير المدارس التعليمية بمختلف مراحلها

وعن المعلمين في المؤسسات التعلمية الخاصة، تجد منهم الدخيل على المنظومة، وآخرين من حملة الشهادات الجامعية وليس لديهم الخبرة الكافية في أساليب التدريس التي تمكنهم في أداء رسالتهم بالصورة المطلوبة، تلجأ بعض المؤسسات الخاصة الاستعانة بالأساتذة الموظفين في المدارس العامة أو المتعاقدين مع وزارة التربية، وهذا ما جعل الكثير من المعلمين في المدارس الحكومية يطمعون في الميل إلى الراتب الذي تدفعه لهم المؤسسات الخاصة، وفي حال تم ارسالهم لأداء مهامهم خارج العاصمة يرفضون الذهاب

كما نشهد أيضا أن المؤسسات التعليمية العامة والخاصة في نهاية الموسم تقوم بغلق ابوابها، وأن بعض الأساتذة لم يكملوا المواد المقررة لهم في الرزنامة البيداغوجية

رسوم التسجيل في ارتفاع

ومع الدخول المدرسي في كل عام يشتكي أولياء أمور التلاميذ ذوي الدخل المحدود من الزيادة التي تضاف في رسوم التسجيل بالنسبة للمدارس العامة، وبات ذلك يؤدي حرمان الكثير من أبناء الأسر التشادية من الالتحاق بالصفوف الدراسية

إذ استاء بعض أولياء الأمور من الزيادات المتكررة في كل عام، بقولهم كان التسجيل في منتصف العقد الأول من القرن الحالي لا يتعدى عن 1000 فرنك سيفا في الحين اليوم تفرض وزارة التربية رسوم التسجيل للمرحلة الابتدائية 3000 فرنك سيفا المناطق الحضرية، في حين رسوم المرحلة الاعدادية والثانوية تبلغ 6000 فرنك سيفا في المناطق الحضرية، من ناحية التعليم الثانوي الفني بلغ 15000 فرنك سيفا، هذا مكلف بالنسبة لولي الأمر الذي لديه أكثر من سبعة أبناء وهو من دون عمل، فأين مجانية التعليم التي ينص عليها دستور البلاد؟

وتضيف إحدى المربيات أيضا بقولها إذا كانت الوزارة اعتمدت توصيات وقرارات أعمال الدورة الثانية والعشرين للجنة الوطنية للنقل والتحويل (كونام) التي جرت في الفترة ما بين 28 إلى 31 من شهر أغسطس الماضي، والتي تقضي بزيادة الرسوم المدرسية، فإنها كانت قد أخبرت أبنائها بأن هذا العام الدراسي سيكون بالنسبة لهم سنة بيضاء، لأنها غير قادرة بدفع رسوم التسجيل التي تقدر ب 15000 فرنك للتسجيل في الثانوي العام، و 15000 فرنك للرسوم المدرسي لثلاث اشهر بإجمالي 60000 فرنك سيفا للعام، وهي لا يتعدى دخلها الشهري ال 100000 فرنك سيفا

السلطات تتدارك الأمر

وعن الضجة التي أربكت أولياء أمور التلاميذ والشارع التشادي، فقد استدرك وزير التربية الوطنية وترقية المواطنة موسى خدام، هذه القضية في موضعين أثناء بيانه الصحفي بمناسبة الدخول العام الدراسي، وكذا في لقائه مع مدراء المدارس العامة والخاصة بقصر الثقافة والفنون، وأوضح أن وزارته لم تقم بفرض أي رسوم للتسجيل إطلاقا، بل طلبت من أولياء أمور التلاميذ المساهمة برسوم إضافية بسيطة لإنجاح العام الدراسي الجديد، مؤكدا في حديثه أن المادة رقم «16» من الدستور تنص على مجانية التعليم العام في البلاد

وفي هذا الشأن كان رئيس الفترة الانتقالية الجنرال محمد إدريس ديبي إتنو في جولاته الأخيرة بأقاليم البلاد فقد أكد مجانية التعليم في المدارس العامة وسيظل كذلك، وأعطى تعليمات لوزير التربية الوطنية وترقية المواطنة، للعمل من أجل مجانية التسجيل في المدارس، وذلك للسماح للأطفال الذين بلغت اعمارهم سن الذهاب إلى المدارس بالتسجيل

أما التسجيلات في المدارس الخاصة في هذا العام، فإن رسوم التسجيل مرتفعة بحيث يصل الحد الأدنى للتسجيل في بعض المدارس لمرحلة المتوسطة 65000 فرنك سيفا، في حين تجده في للمراحل الثانوية يتجاوز 80000 فرنك، وفي هذا السياق أغلب المدراء الذين قابلناهم يرون أن الاسباب التي أدت في ارتفاع تكاليف الرسوم المدرسية في عام المدرسي، يرجع لارتفاع الأسعار في المتطلبات المدرسية، مثل غلاء أسعار التباشير والورق الأبيض الذي تجاوز سعر الملف الواحد 4000 فرنك، إضافة إلى الارتفاع في سعر الوقود بسبب القطوعات المتكررة للكهرباء، فضلا كون بعض المدارس والثانويات ليس لديها مقرات ملكا لها لذلك فهذه المؤسسات تقوم بدفع الأجرة لصاحب المقر، لذا تعيش أغلب المؤسسات التعليمية الخاصة وضعا صعبا بسبب نقصان البنية التحتية لمعظمها في ربوع البلاد، رغم المبالغ الكبيرة التي تجنيها

في حين من وجهة نظر المؤسسات التعليمة الخاصة التي تتبع لهيئات دينية أو جمعيات خيرية، يرون أن التربية والتعليم ليس لربح المال فقط، بل من أجل أن تمضي المؤسسات التعليمة بضوابط وتلتزم بتقديم الخدمة للمواطن والوطن من خلال تكوين وتأهيل التلاميذ

لذا يرى مدير ثانوية ألفا ثلاثة السيد أم باي هيلام دي نور ديانس، بأن المؤسسات الخاصة الهدف من إنشائها هو المساهمة في تعليم الأطفال، وأن ثانويتهم منتظمة في احترام لوائح وزارة التربية الخاصة بنظام التعليم وذلك منذ حصولها على الترخيص عام 2017م، كما أن لديها لوائح داخلية بتكوين التلاميذ بشكل أفضل وهذا لسمعتها وليس من أجل المال

أطفال يعيشون الحرمان

بالرغم من جهود الحكومة الساعية إلى اصلاح المنظومة وتعزيز التعليم وإعطاء الأولوية للمناطق الريفية والفئات المهمشة من أبناء الرحل، لايزال أغلب الأطفال بهذه المناطق يعيشون حرمان وفقدان الأمل في التعليم، وعدم العدالة والانصاف في تقديم الخدمات التعليمية لهذه المناطق، مما يجعل أزمة التعليم تعيق عملية تنمية الإمكانيات البشرية من أجل بناء مجتمع متعلم مستدام وسليم

فالبلاد اليوم لاتزال ضمن الدول التي تنتشر فيها الأمية بشكل كبير، حيث بلغت نسبة الأمية في تشاد بنحو 78٪ من الجنسين الذين لا يجيدون القراءة والكتابة ، بحسب بيان أمينة الدولة بوزارة التربية وترقية المواطنة قامجي ليليان بمناسبة اليوم العالمي لمحو الأمية دورة 2023م، فمالم تقوم الحكومة بتقييم نظام التعليم ومدى مستوى جودته ووضع مشاريع وبرامج جادة لمحو الأمية وتطبيقها على أرض الواقع، فإن الأمر إذا استمر على حاله ينذر بخطر مالم يتم معالجة القصور والخلل التشغيلي والتنظيمي للمنظومة

ارتفاعا في اسعار الأدوات

من ناحية أخرى تشهد أسواق العاصمة أنجمينا وأماكن بيع اللوازم الدراسية في الطرقات العامة ارتفاعا في أسعار الأدوات المدرسية بجميع أنواعها، الأمر الذي يزيد من القدرة الشرائية للمواطن البسيط، واصبح سعر الادوات المدرسية البسيطة غالية الثمن، وهذا يرجع إلى عدم مراقبة الأسواق من قبل الجهات المعنية بالتعليم وكذا البلدية لتحديد الاسعار لهذه المستلزمات التي تشهد ارتفاعا

إلى متى تكون لنا إرادة سياسية لتطوير هذا القطاع الحيوي، وتضع قاطرة لتقدم البلاد بين مصاف الأمم علميا ومعرفيا؟

سعاد محمد جبريل

عبد الرحمن موسى آدم

حاجة فاطمة حسن مصطفى

 

À propos de atpe

Vérifier aussi

Géolocalisation des structures scolaires : une mission de l’INSEED dans la province du Lac

Dans le cadre de la mise en œuvre du Projet d’amélioration des résultats d’apprentissage de …

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *