A LA UNE

ملف التربية: الدخول المدرسي بين الإصلاحات والأمل المفقود

بعد ٦٣ عاما من الاستقلال ظل قطاع التربية والتعليم التشادي بشقيه العام والخاص رهن القرارات السياسية دون تحديد مشروع متكامل واضح، يهدف إلى إقامة منظومة تعليمية ترتقي بالبلاد إلى مصاف الأمم المتقدمة معرفيا وعلميا، وذلك بسبب النقص في البنية التحتية للمدارس والتمويل، وبات قطاع التربية يواجه تحديات جمة نتيجة للخلل الوظيفي الذي يشهده، حيث أصبح مكانا للمستثمرين بدلا من الاستثمار في البشر، الأمر الذي أدى إلى انتشار العديد من المؤسسات التعليمية في المدن التشادية وخاصة العاصمة من دون احترام لوائح النظام التربوي الذي ينظم سير عمل القطاع

ومع بداية دخول العام الدراسي الجديد سنة 2023-2024م، يعيش قطاع التربية والتعليم حالة من القصور والتدهور في منظومته من عام تلوى الآخر وعدم مسايرة للتطورات العلمية في الأنظمة التعليمية، فالتعليم العام الأساس والثانوي في البلاد في العقود الثلاث الأخيرة أصبح يتسم بسوء التسيير وتدني المستوى المعرفي لدى التلاميذ وعدم القدرة على متطلبات المجتمع من تأهيل جيد وزيادة المعرفة وتنوعها، ويرجع ذلك الكثير من الخبراء التربويين إلى انتشار الفساد وعدم ترشيد الموارد البشرية وغياب الاصلاحات الجادة، والاهتمام الحقيقي من قبل الدولة لهذا القطاع

بنية تحتية تفتقد للخدمات

فالبنية التحتية من حيث الملامح يلاحظ الاهمال التام للمنشآت المدرسية، وحتى المبنية منها فإنها غير مهيئة بالرغم من حداثة تشييدها، واحيانا تفتقد الخدمات والمرافق ولا توجد بها مساحات خضراء، وتتسم الفصول في المؤسسات التعليمية باكتظاظ التلاميذ دون مراعاة للالتزمات الواردة في نظام التعليم التي من المفترض أن لا يزيد عدد التلاميذ في الفصل الواحد عن 45 تلميذا، إلا أن الأمر يختلف في مؤسساتنا التعليمية التشادية، إذ تجد العدد في بعض من المدارس العامة يتجاوز ال 150 تلميذا في الفصل الواحد بمرحلة الأساس، فكيف يستطيع المعلم السيطرة على الفصل بمثل هذا العدد ومتابعة كل تلميذ في حال أخل بواجباته، وبهذه الطريقة يقضى التلاميذ عامهم الدراسي في بيئة يغيب فيها التخطيط السليم، ومقومات التعليم من مكتبات داخلية ومطاعم ووحدات صحية داخل المدارس، بالإضافة إلى غياب الخدمات الثقافية والترفيهية.

فهذه المدارس تحتاج إلى توسعة للفصول الدراسية التي تواجه الاكتظاظ، و بناء مؤسسات تعليمية جديدة في القرى والمدن التي تشهد كثافة سكانية متزايدة.

وفي السياق ذاته تشهد الساحة التشادية ظهور العديد من المؤسسات التعليمية الخاصة، التي تبحث في المقام الأول على العوائد المالية(الارباح) بدلا الاستثمار في التلاميذ من حيث تنمية مهاراتهم لتحقيق أهدافهم المعرفية

وحسب رأي الكثير من المواطنين إنها جعلت من جيوب أولياء امور التلاميذ موردا للاستثمار، وهذا ما جعل رئيس حكومة الوحدة الوطنية صالح كبزابو، في الأشهر الماضية يصدر قرارا بحظر إصدار التراخيص لإنشاء مؤسسات تعليمة خاصة لمدة عامين لعدم وفاءها بمعايير النظام التعليمي للبلاد

إلا أن هذا القرار في رأي الشارع التشادي يبدوا مجحفا وغير عادل في وقتنا الحالي، وذلك بإرجاعه لعدة أسباب من بينها أن المدارس الحكومية بمراحلها الابتدائية والمتوسطة والثانوية ليس لها القدرة الاستيعابية لإعداد كبيرة من التلاميذ الجدد، و المؤسسات التعليمية العامة في حد ذاتها تعاني من مشاكل الاكتظاظ، حيث يوجد على مستوى الأراضي الوطنية ما يزيد عن 3000 مدرسة خاصة، الكثير منها في حالة يرثى لها ولا تتوفر فيها شروط النظام التعليمي في البلاد، وفي حالة سحب التراخيص من المدارس الخاصة التي أخلت بالنظام، فهل تستطيع الحكومة توفير المقاعد لبعض تلاميذ المدارس التي تم اغلاقها من قبل وزارة التربية وترقية المواطنة بعد التحقيق الموسع الذي قامت به للمدارس الخاصة

وبموازاة ذلك تعمل المؤسسات التعليمية الخاصة في تخفيف العبء على المؤسسات الحكومية، إلا أنها الأخرى لا تخلوا من مشاكل الاكتظاظ في الاقسام التي تكرر كل عام، ففي الفصل الواحد نجد ما يزيد عن 70 تلميذا، وهي مسألة ترجع بعض الأحيان إلى غياب المراقبة من قبل مفتشية التربية على مستوى الأراضي الوطنية وعدم المسؤولة من الإدارة المسؤولة في التعليم الخاص بوزارة التربية

وتشير بيانات دفتر الاحصاء الثانوي لعام 2021-2022م لعدد المؤسسات التعليمية في البلاد، بوجود 619 مؤسسة ما قبل المدرسة «الروضة» بينهم 461 خاصة، و 11976 مدرسة ابتدائية بينها 2049 ابتدائية خاصة، و 1929 مدرسة إعدادية بينها 837 إعدادية خاصة، وكذلك 912 ثانوية عامة من ضمنها 519 ثانوية خاصة، وهناك 42 ثانوية فنية منها 29 خاصة، وكلها تعمل جنبا إلى جنب لتعميم التعليم

ونحن في ثنايا تناولنا لقضايا التعليم إذ لا ندعوا إلى إنشاء مدارس فوضوية بل نسعى إلى تشخيص المشاكل ونقلها للجهات المعنية، وكذا طرح حلول بديلة من شأنها أن تساهم في معالجة قضايا نظامنا التعليمي وتحسين جودة التعليم في بلادنا والارتقاء بمؤسساتنا التعليمية لتقديم خدمات تعليمية بمعايير عالمية تواكب الحداثة والتطور في الأنظمة التعليمية، سواء في المدارس العامة أو الخاصة

سعاد محمد جبريل

عبد الرحمن موسى آدم

حاجة فاطمة حسن مصطفى

À propos de atpe

Vérifier aussi

Géolocalisation des structures scolaires : une mission de l’INSEED dans la province du Lac

Dans le cadre de la mise en œuvre du Projet d’amélioration des résultats d’apprentissage de …

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *